الجمعة، 17 مارس 2017

الله - في الشرق و الغرب

بالماضي – كانت صورة "الله" تختلف عن صورة " الله" في الحاضر .
كانت صورة "الله" في التاريخ تتمثل حول كونه قائد جيش – رئيس حرب – رجل عصابات – يستلذ بالقتل و يسعد بالدماء – ويتقرب المؤمنين به بدماء الاخرين له !
هذه هي الفكرة البشرية عن الله في الماضي .. فالفكرة البشرية عن "الله" في تغيير دائم .
تاريخ الانسان خير شاهد على تجسدات "الله" في كل عصر .
و السؤال – هل صورة "الله" في الماضي اختلفت عن الحاضر ؟
مؤسف هو ان تكون اجابتنا بــ - لا – فصورة "الله" التي تجسدت في قائد الجيش المتوحش المهيب و الذي يخشاه الجميع و الذي يحابي النساء عن الرجال و الذي سيقهر الجميع اذا شاء و بأي وقت إذا لم يؤمنوا به او إذا لم يخضعوا له ولاوامره !
لا زالت الصورة حيه الان في منطقة الشرق الاوسط .
فصورة "الله" في الشرق مختلفة عن صورة "الله " في الغرب .
و كما وضحنا ان صورة الله في تغير دائم في ذهن البشر ، الله بالماضي يموت ليفسح الطريق الى "الله" بصورة جديدة – لتمثل اخلاقاً أرقى لجنس بشري يتطور اخلاقياً و إنسانياً ، والفضل يعود الى تطور العلم والصناعة والتكنولوجيا .
و دائماً ما كان يتصور البشر ان " الله" له صفات بشرية و هذا راجع الى عبادة الاسلاف .
و كما قال زينونان قبل ميلاد المسيح بستة قرون : يتصور البشر الالهة انها تولد ، و لها كأنفسهم ثياب و اصوات و ابدان ... و حتى الالهة الاحباش فإنها سمر الوجوه مفرطحة الانوف ، وآلهة تراقيا ذات شعر ذهبي و عيون زرقاء .. بل إن هوميروس و هزيود نسبا إلى الآلهة كا شائن و معيب بين البشر : السرقة و الغش و غيرها من الافعال الخارجة على القانون ... وحتى الثيران ز الاسود و الخيل لو كان لها أيد ترسم بها الصور لصاغت الآلهة على هيئتها وجعلت ابدان الآلهة كأبدانها .
نعم نريد ان نقلب صورة "الله" في ذهن المسلمين رأساً على عقب – لأن صورة "الله" هي سبب تأخرنا عن مواكبة العالم الحديث من صفات انسانية واخلاقية – وبالطبع رجال الدين لهم اليد في جمود صورة"الله" في عقول وذهن البشر .
التطور والصناعة يطورون الانسان و من قبلهم يطورون " الله" ليتحول من رجل القبيلة و العصابات في الماضي الى "الله" الذي يدعم الانسانية والحب والخير والعدل والمساواة اليوم .
تفسيرات القرآن احدى اسباب جمود العقل البشري اليوم – ليتحجر ويكون مشلولا وعاجزا عن اي تطور .
تفسيرات القرأن اليوم هي تفسيرات لعصور اندثرت وانتهت و مات رجاله واصبحوا رمادا .
لماذا لا يتوافق الدين الاسلامي مع الانسانية ويدعمها ؟!
لماذا لا يقف و لو للحظة – الداعشي – امام وردة ويصرخ ليقول "هذا هو الله" ، لقد رأيت الله ! لماذا لا يقف و لو للحظة – التكفيري – امام طفل رضيع ويصرخ "هذا هو الله" ! لماذا لا يقف ولو للحظة – المتدين الوسطي – امام جسد امرأة ويصرخ "لقد رأيت الله" !
لماذا تقف صورة وتجسيد "الله " عند المسلمين من سنة وشيعة – امام صورة " الله" المتوحش القاتل العنصري !
لماذا لا ينتزع المتدين صورة "الله " التي في مخيلته – من السماء – ليضعه في الورود والكلاب والقطط والحشرات واجساد النساء .
لماذا صورة " الله" في ذهن المسلمين بالرب السعيد المنتشي بقتل هذا او ذبح ذاك !
بالرغم من انتشار مهنة رجال الدين الى درجة أن لكل مسلم و متدين رجل دين وشيخ خاص به " رجل دين لكل مواطن" – يتبع فتواه دون تفكير .
إلا ان رجال الدين اليوم لم يقدموا جديداً للدين و لا للمتدين ! لا زالت هي نفس خطبة الجمعة تردد على المنابر – ولا زال هو المتدين سيء الخلق و بليد انسانيا ومقيت .
نفس الافكار تعتنق منذ مئات السنين ، لا جديد يقدمه رجل الدين للبشرية – وإن كان واجبً علينا ان نذكر ما يقدموه من كره و رفض للاخر ونظرة دونية للمرأة و عنصرية دون حرج .
رجل الدين و اتباعه من المتدينين يتخذون من الاصولية رابطاً ايدولوجياً و مذهباً فكرياً لهم ، يخبرونا ان الاسلام هو الايدولوجية الشاملة للحياة الشخصية وللحياة الجماعية للدولة والمجتمع / ان القرآن والسنة وقيم المجتمع الاسلامي الاول هي اسس حياة المسلم و دستور الحياة اليومية للمسلمين / ان الشريعة تقدم المثال والمنهج للمجتمع الاسلامي الحديث والذي لا يعتمد على المعايير والتقاليد الغربية / ان اهم اسباب تراجع المسلمين هوالابتعاد عن الاسلام والاعتماد على الغرب ، وان العودة الى صحيح الدين هو الطريق الوحيد لاستعادة الهوية والمجد والنجاح والقوة والثروة / ان الجهاد واجب و فريضة على المستويين الشخصي والمجتمعي و هو السبيل للثورة الاسلامية.
الاصولية هي الجمود – الاصولية في مواجهة التطور – الاصولية نقيض العلمانية تماماً .
الاصولية هي : التعصب و رفض التكيف و عدم التسامح و الانغلاق و التحجر المذهبي وتقديس التراث والتصلب والمحافظة والعودة الى الماضي ومعارضة كل نمو وتطور – وهو تماماً ما يفعله المسلمين اليوم .
يأخذون من القرآن والسنة (مرجع مطلق) – وهنا تكمن الورطة .
يقف رجال الدين على المنابر ليخبرونا انه " لا اجتهاد مع النص " و يتخذون من هذا المبدأ قدسية خاصة لا يمكن اختراقها – ويصنعون منها فزاعة لاخافتنا نحن العلمانيين والتنويرين .
واستمد قول د/ حسين حماد من كتاب ذهنية التكفير حين قال : ان القول بالمصدر الالهي للنصوص الدينية لا يشترط بالضرورة مطلقيتها ، لان النصوص مقدسة من حيث منطوقها – لكنها "تأنسنت" منذ ان تجسدت في التاريخ واللغة ، وتوجهت بمنطوقها و مدلولها الى البشر في واقع تاريخي محدد .
و ايضا د/نصر حامد ابوزيد حين قال : ان القرآن محور حديثنا الان – نص ديني ثابت من حيث منطوقه ، لكنه من حيث يتعرض له العقل البشري يصبح منهجاً يفقد صفات الثبات ، انه يتحرك و تتعدد دلالاته ، ان الثبات من صفات المطلق والمقدس ، اما الانسان فهو نسبي ومتغير ، والقرآن نص مقدس من حيث منطوقه ، لكنه يصبح مفهوماً بالنسبي والمتغير ، ويتحول الى نص انساني يتأنسن ... فالنص منذ لحظة نزوله الاولى – اي مع قراءة النبي له لحظة الوحي – تحول من كونه نصاً إلهياً وصار فهماً "نصاً انسانياً" ، لانه تحول من التنزيل الى التأويل .

الاثنين، 13 مارس 2017

لقد مات الله

قد مات الله .
هكذا بدأ هذا الرجل و هو في نهاية العمر أخر كتاباته ، كتبها و هو يعلم أنه لن يقرأها او ربما لن يكمل كتابتها .
بدأها و هو في غاية الحزن و الربكه ! حزين لموت الله - و لكن ظل يتسائل عن اسباب موته ! إن اي اجابه له على سبب موت الله لهو اكتشاف عظيم له في بحثه .
موت الله هي بداية لإكتشاف اخلاق حقيقة جديدة - حياة جديدة - بداية وعي جديد .
أسباب موت الله ليست حكراً على أحد ! فالعوام من البشر سيعلمون كل العلم أن موت الله أسبابه قد ساهموا فيها .
نعم لقد تم قتل الله بسبب رجال الدين و اتباعهم المتدينين - كل من قال و ردد اقوال الشيوخ و الكهنة هو مساهم في قتل الله .
 و لكن هل رجال الدين هم العصابة الوحيدة ؟
لقد مات الله في اللحظة التي وقف فيها رجل على منبر و أخذ يردد " الموت لهذا و ذاك" ، مات الله حين ذهبت امرأة لإرتداء ملابس سوداء لتغطي كل شبر من جسدها و تردد "هذا من اجل الله" ، لقد مات الله حين قاموا مجموعة من الرجال بسحل وقتل رجل يعتنق دينً أخر غير ما يعتنقوه هؤلاء الرجال و ردووا قبل موته " موتك من اجل إرضاء الله" ، مات الله حين قاد ذاك الكاهن المتحدث بأسم الله إمرأة زانية إلى مسئولٍ بالدولة و أعلن ان موتها و إقامة الحد عليها "لهو حفاظاً على شرف الله" .
مات الله و تم طعنه عدة طعنات حين رأيت تلك الفتاة الصغيرة في عمر الست سنوات و هي ترتدي حجاب لرأسها - وحين سألتها لماذا ترتدي هذه القماشة !؟ انتِ طفلة و عمرك هو عمر اللهو واللعب - ردت وقالت " هذا من اجل رضى الله عني" .
لقد مات الله تماماً .
دقيقة انتظروا ! هل تم قتل الله - أم قرر أن يختفي بكامل إرادته ؟ هل الله أبتعد تماماً وحيداً - أم المخلوقات البشرية صنعت حواجز بينهم وبينه ؟! 
و لكن هذا الرجل أخبرني انه رأى موت الله - رأى الدماء منتشرة هنا وهناك ، لا لا لا الله لم يختفي بإرادته - هو تم قتله من رجال الدين العصابات و اتباعهم .
في كل نقطة دم من طفل او امرأة او رجل على مر التاريخ بسبب جهل و ظلم البشر - لهو دليل على موت الله .
مات الله - واصبح هناك بديل له - رجال الدين و تفسيراتهم للنصوص هي التي لها القدسية الاكبر و هي الله الان .
حين يبرروا حدث او يفسرون أية يخبرونا بأن" الله قال" - في حين ان الله لم يتحدث لنا ! لم اسمع صوته بعد ؟! هل سمع صوته بشري ما على الارض ؟ قرروا ببساطة ان يحلوا محل الله .
لم يردعهم أحد - بل بالعكس تمادوا و زاد عدد اتباعهم - و اصبح من يخالفهم هو زنديق .

أغتالوا الله - و أغتالوا معه العقل . 


الأحد، 5 مارس 2017

ماذا عن المتحولون جنسياً ؟

العالم منقسم الى فئات - والاختلاف جزء من الطبيعة الكونية اللى مش هتنتهي في لحظة غباء من فئة عندها شعور انهم الاغلبية او الاقوى .
الإنسان في المطلق بيعاني - الإنسان موجود علشان يمارس المعاناة على الارض .. ودي دايما فكرتي عن الوجود .
و المعاناة اللي قابلتها في كتابات و عيون بعض البشر الفترة اللي فاتت كانت تخص " Transgender-المتحولين جنسياً" .
مش هتكلم عنهم من منطلق علمي - و مش هقول إن التحول اللي بيعمله / بتعمله الإنسان بمختلف جنسيه هو ناتج عن اضطرابات هرمونية وبيولوجية و مشاكل جسدية .. لا مش هقول كدا - دا أسمه تحايل على حقوقهم علشان انت/انتِ تقبلوهم وسطكم !و مش همارس التحايل دا في مقالي زي ما عملت في مقال أخر عن المثليين جنسياً اللي حطيت فيه مقالات تثبت " طبيعة المثلية الجنسية" .
انا هتكلم عن معاناتهم بشكل مباشر و عن قضيتهم .
الدولة - الدولة بتحمي القطيع اللي شبه بعضه - القطيع المتشابه دينياً و فكرياً و جسدياً و جنسياً و غيره.. الدولة بشكل مباشر هي عامل مساعد لحالة الكره المنتشرة في العالم اليوم ضد جميع LGBT او ضد المختلفين دينياً و فكرياً خصوصاً لو في مجتمعات شبه مجتمعاتنا الشرق أوسطية ، بس خليني اكون اكتر وضوح في العويل و النواح اللي ملازمني على قضايا حقوق الإنسان - إن اماكن كتير و دول كتير بالعالم بتمارس الكره والاضطهاد والرفض للمتحولين جنسياً بشكل خاص و ال LGBT بشكل عام .
الدولة بتستهدف إفساد وعي الجماهير والمجتمع عن طريق إستخدام الدين ورجال الدين - كنوع من انواع الإلهاء عن سياسيات الأنظمة الحاكمة .. بالتالي الحكومات و الدول ادركت ان إزالة غضب و سخط الشعب و الجماهير لازم يتم تفريغه بعيد عن النظام السياسي ! فبتحوله لأي أقليه " عرقيه - دينية - جنسية " .. كما لو كان المختلفين عنهم مش بيعانوا من نفس معاناتهم ! 
الدولة مطالبة بحماية "أي مواطن" - مهما كان اختلافه "سياسياً و دينياً ومذهبياً وجنسياً وعرقياً -الخ" .
اليوم - معاناة المتحولين جنسياً في العالم بتستمر و بتوصل لمراحل القتل و الاجرام .
في باكستان - اتقتلت فتاة اسمها"اليشا" بسبب دعمها لقضايا النحول الجنسي .
في كوبا - الدولة بترفضهم تماماً و بتنقلهم إجباري لمعسكرات العمل .
في تركيا - اتقتلت فتاة اسمها " هاندة كدر" و وجد جثتها في الغابة في اسطنبول .
Stopping the Suffering of Transgender Immigrants
في أماكن متفرقة من الكوكب - بيتم قتل وتهديد اي متحول/ة جنسياً - في المقابل الدولة مش بتتخذ أي اجراء لحماية المتحولين جنسياً .
و المشكلة الاكبر هي رفض العقل البشري بوجود إختلافات بين البشر بعضها البعض - وان الاختلافات اللي واصلة للمجتمعات الشرق اوسطية - هي اختلافات في طول القامة او لون العيون او لون الشعر او طريقة الكلام " اللي كمان مش بتتقبلوها اوي" - لا دا العالم و الكوكب فيه اختلافات كتير بين البشر بعضها البعض اكتر من لون البشرة او لون العيون !!! 
الاختلاف واصل لمرحلة اكبر و اوسع - مرحلة ان فيه ناس عايشة معاك على نفس الكوكب اتولدوا على نوع جنسي و بكل رغبتهم اتحولوا لنوع جنسي مختلف .
و دا مش ضد الطبيعة اللي انت بتتشدق بيها دايما !! الطبيعة مقالتش " لا" والكرة الارضية ماشية في سكتها زي ما هي !
انما انت - بكل حقارتك و غبائك - بترفض الاخر اللي في النهاية مش هيأذيك في حاجة !
الاختلاف و التنوع موجود بقوة على الارض - و هو دا اللي ممكن نشاور عليه و نقول بكل ثقة و أريحية " الطبيعة الأم" .
الطبيعة هي التنوع والاختلاف بين كل المخلوقات الحية .