الثلاثاء، 10 يونيو 2014

فى مقاهى وسط البلد

دائما حين تمر بين مقاهى هذه المدينة حيث يقبع فيها معظم شباب الثورة العظماء ترى فى وجوههم العبوس وتقطيب الجبين ،، انك تراهم متمسكون ببعضهم البعض كى يخفون وحدتهم ،، ان هذه المقاهى تمثل انكارا جليا ورفضا للموت و يظهر ايضا اليأس و الخمول والتنافر الهزلى فى مشهد متناقض ،، لا استطيع ان امٌيز بينهم فى درجات اليأس اعنى من هو/هى الاكثر يأسا و من هو/هى الاقل يأسا و من هو / هى الذين يستطيعون بث الامل من جديد فى نفوس بعضنا البعض !!
و حين اجلس بينهم اشعر بعبىء نفسى ثقيل حيث لا استطيع تقديم المساعدة لهذا الكم من ضحايا ما يسمى "دولة" ،، الثورة والتمرد تجريان فى عروقهم دون توقف و دون راحة .
لا يستطيعون ان يهجروا جحر الارنب هذا خوفا من ان يصطدموا بواقع شعبهم البائس ،، اردد فى نفسى ان الفجوة الحضارية لا تكمن بين الدول بعضها البعض بل بين سكان الشعب الواحد ..الفجوة الحضارية تكمن بين المصريين والمصريين نفسهم .
ان شباب الثورة هم مجموعه من المثقفين (او هكذا اظن) واحيانا نكون حثالة هذه البلد المغضوب عليهم ،، نحن عجينة دنيئة نثير الشفقة ، نحن وجودنا شىء مبتذل و اكذوبة جميلة  لا شىء اكثر من ذلك .. نحن محاطين بسكان يرمقوننا بنظرة تشى بالكره ،، سكان لايعرفون معنى الحب للمختلفين معهم فى العقيدة او الفلسفة او الايدولوجية او الرأى ،، لقد اصبحت الشوارع ملكهم و الساحات لهم و كل حاكم لهذه البلاد يُمجد فى (قطيعه) و يتوعد لمن هو مختلف معه او ينتقده ،،لن يكون هناك ملجأ لنا سوى هذه المقاهى "مقاهى وسط البلد" منطقتنا الحرة التى احيانا وبالرغم من وجود رائحة نتنه تشبه رائحة الخراتيت "المخبرين" .
اضحك قليلا فى نفسى حين يوبخنا هؤلاء المنتمين الى نظام حاكم ويتفوه بكلمات ساذجة مثل "اننا اقلية" فى الواقع اننا لسنا اقليه فلو كنا اقلية او شعبا من الشعوب الاصلية لاصبحنا تحت حماية ميثاق الامم المتحدة وعندها يمكن ان نحصل على الاقل على بعض الحقوق الاساسية ،،، فى الواقع انى اجد القاب "المتشائمون - الفوضويون - العدميون" اكثر تشبيها لحالاتنا .. ان كل هذه الالقاب لا يعتبرون اقلية بل نوع منقرضا ،، عددنا يقل يوما بعد اخر .. فالثوار منهم من ييأس ويبتعد ومنهم من "يتحول" الى كائن يدعى "مصطفى بكرى" وهذا نوع من الكائنات لا نعرف ما هو انتماؤه او جنسه ،، فحين نوبخ احدا منا نقول له "انت مصطفى بكرى ياض!" .
لن نستمر على قيد الحياة هكذا !! معظمنا يقبع فى السجون و المتبقى منا ينتظر ، ينتظر فقط اى فعل ليقوم برد الفعل .
يجلسون على المقاهى تائهون و بجانبهم متشردى المدينة او الحى تائهون ايضا .. نشبه بعضا البعض كثيرا يا فقراء ومتشردى المدينة
.. انتم احرار دون سقف او جدران تقيدكم و نحن احرار فى نفوسنا الى ابعد حد .
افتخر كونى من المغضوب عليهم فى كل نظام حاكم وفى كل حين .