الاثنين، 5 مايو 2014

حديث العقل والقلب

فى مدينة صاخبة تملؤها الضوضاء لا يشعر سكانها بالراحة يوما ، على ارصفتها الكثير من المتشردين من مختلف الاعمار ،، هناك فتاة فى جسدها عراك دائم بين القلب و العقل ، العقل لا يصمت و لا يشعر بملل من طرح الاسئلة ، والقلب يظل قادرا على كبح غضب هذا العقل المنزعج دائما ولكنه دائما حنون عليه ويعامله بلطف ، إن هذا القلب هو الطف مكان فى جسد الكائنات على الاطلاق ، ربما اجاباته ليست دقيقة و غير مقنعة بالنسبة للعقل ولكنه دائما يظل مستمع له بأهتمام شديد .

العقل : لماذا نتزوج و نلد ؟
القلب : للحفاظ على الجنس البشرى عزيزى
العقل : ولماذا نحافظ على الجنس البشرى ؟
القلب : صمت طويل تليه تنهيده ويقول بنظرة تعجب تملئها تساؤلات ايضا "إنها الحياه عزيزى".
العقل : اتأمرنا الحياه ان نحافظ على هذا الجنس العقيم فى تفكيره !؟ حياه بائسة بلا شك
القلب غير مقتنعا بما سيقوله : ماذا لو قلت لك ان الرب هو من يأمرنا بالحفاظ على سلالتنا عزيزى ، هل وقتها ستقتنع .
العقل : كُُف عن الحديث عن الاله .. انا احيانا امتعض من افعاله !
القلب : انها ليست افعاله انها افعال البشر عزيزى !
العقل : ارأيت !! انها افعال هذا الجنس البشرى السخيف الذى تريدونه ان يستمر فى الوجود على هذا الكوكب ! اعلم من داخلى ان الرب مظلوم كثيرا واشعر بأنه تعيس بسبب افعال مخلوقاته السخيفه !
القلب : لا تقول سخيفه عزيزى الا تتذكر مقوله مولانا ابن عربى " لا تحتقر مخلوقا فأن الله حين خلقة لم يكن يحتقره" .
يبكى العقل من فرط الشعور بالندم على ما قاله !
القلب : لا تبكى عزيزى لا تبكى ،، انها الحياه
العقل : قبيحة هذا الحياه التى تجعلنا نمقت حتى الحب ! نحب ونرتبط بأناس ونهتم بهم ويهتمونا بنا و من ثم وفجأة يذهبون او يمرضون فنتعذب بجانبهم او يموتون فتلوم حالك لانك احببتهم .
العقل : لقد اتخذت قراراتى المهمة بأنى سأحرض صاحبة هذا الجسد بأنها لن تنجب اطفالا ،، سأحافظ على هذ الكوكب وسأقدم له خدمة بعدم انجاب مزيد من المخلوقات البشرية .
القلب : عزيزى لماذا لا تفهم او انك تفهم ولا تريد تقبل الامر ! ان البشر هم كائنات بديعة و ما يظهر من افعال البشر ما هو الا بعض التراب الذى يحتاج الى ابعاده بيد جميلة .
القلب مرددا : الله يتجلى بداخلنا نحن البشر ،، تذكر القاعدة الاولى من قواعد سيدنا شمس التبريذى حين قال " إن الطريقة التى نرى فيها الله ما هى الا انعكاس للطريقة التى نرى فيها انفسنا ، فإذا لم يكن الله يجلب الى عقولنا سوى الخوف والملامة فهذا يعنى ان قدرا كبيرا من الخوف والملامة يتدفق فى انفسنا ، اما اذا رأينا الله مفعما بالمحبة والرحمة فأننا نكون كذلك ."
العقل : قلت لك مرارا بأن الله اخطىء خطأ كبيرا بخلقنا نحن ! كان ينبغى عليه التفكير مرة اخرى او ان يتنازل ويستفسر من ابليس لماذا رفض السجود لكائنات مخلوقة من طين !
العقل : ربما كان يعلم ابليس " المظلوم" بأن البشر سيكونون بمثابة مأساة على هذه الارض و على هذا العالم الملىء بالدماء والكره والفساد والحقد والنفاق والتواطىء .
القلب : عزيزى انت ايضا يملؤك الكره ! الا تشعر ؟
العقل : نعم اعلم ..ومن منا لا يملكه الكره " بنبرة اشمئزاز من النفس"

صمت يخيم من الطرفين

العقل : نعم قائمة الكره لدى تزداد ،  اكره هذه الحدود التى تفصلنى بينى وبين بنى جنسى والتى تمنعنى من تقديم مساعدتى لهم .. كل ماافعله هو التضامن والشعور بالشفقة حيالهم ،، اكره الانظمة والدول التى تضع قوانين وتقيد افعالنا وحياتنا ،، اكره من ينصاع لهم ويعطيهم الحق والقوة فى كبح ارادتنا، القائمة طويلة لا تقلق .
القلب : هذا التمرد سيقتلك يوما عزيزى ، اخاف عليك ،، ارجوك ارحم صاحبة هذا الجسد !
العقل : لا اخشى الموت ، فقط اخشى ان يستمر العالم فى ضخ المزيد من جنسنا ، نحن وباء ، والرب لن يقدم لنا مساعدة حيال هذا الامر
القلب : لا تجعل الكره يقترب منك ومنى ، حافظ على وجود مسافة بينى وبين هذا الشعور الذى يمتلكك ،، لا تجعل الكره يقترب منى عزيزى .
العقل : احاول الابتعاد منه ،، احاول انقاذى وانقاذك ، ربما نجد ضالتنا فى اعتزال البشر فهو خيرٌ لك
القلب : ولكنه ليس خيرٌ لك عزيزى ،، عليك تقديم المساعده لبنى جنسك و باقى المخلوقات ايضا
القلب منفتحا : اترى حبة التراب التى تحاول ايدى البشر ابعادها عنهم ظنا منهم انها تجعلهم متسخين !؟
العقل : نعم
القلب : اعشقها عزيزى ، فإنها منك،، فأنت خُلقت منها .
القلب : اتبع خطواتى وسنبتعد سويا عن هذه الارض و نستطيع ان نقدم المساعدة للاخرين،، فهم فى حاجة الينا ،، اجعلنى دليلك الرئيسى عزيزى و وقتها ستكون ممتن لجميع المخلوقات البشرية .

يقف العقل عن التفكير للحظات بعد نقاشه الحاد مع القلب ،،  ويتسأل ما اذا كان عليه الانصياع للقلب ام ينصاع للعين ويصدق الواقع الكئيب !