يومك سعيد يا بابا
زى ما انت عارف ان استخدام كلمة "كان" مؤذى جدا على جميع الاصعدة وبحاول قدر المستطاع ان اتلاشى سماعها من الناس لما بيكلمونى عنك .. اعذرهم - ميعرفوش انك موجود .
ميعرفوش انى لما ببقى لوحدى فى اى مكان بسيب مكان جنبى على الكنبة او الكرسى عشان تقعد انت فيه ، ميعرفوش انى ببص جنبى وبضحك كأنى سامعه كلامك وانت بتخصنى بالكلام لوحدى ، ميعرفوش حتى اننا بتتناقش فى المقالات اللى بكتبها او الكتب اللى بخلص قرائتها ، ميعرفوش انى بطبطب على الهوا كأنى بطبطب عليك ،، هؤلاء لا يعلمون شيئا !
ميعرفوش اننا لازلنا بنتواصل على الارض بشكل عملى ، بنضحك وبنرغى وبنقعد جنب بعض ، بسيب الكتاب بالخارج عشان لما تيجى تقراه براحتك .
تعرف ! تعرف ان من ضمن اللى مضايقنى فى فقدانك انى ملحقتش اقولك انى بحبك - اواقولك انك شكلت فيّ بعض الصفات !
تخيل ان حاليا بدأت اقول لكل اللى بحبهم انى بحبهم ، ومش بزهق من قول انى بحبهم ، وببقى سعيدة انى بقول انى بحبهم ، ودا بسبب انى خايفة انهم يمشوا من غير مايعرفوا انى بحبهم ، اخواتى وقرايبى واصحابى - بأستمرار بعرفهّم بأن ليهم مكانة حلوة فى قلبى .
خلينا نرجع لكلامنا - بدأت فى حب القراءة بسببك عزيزى - فاكر لما كنت بقرأ فى المقالات اللى بالجرايد ، وكنا بنرجع نتناقش فيها ، كان بشكل يومى تقريبا .
طب فاكر لما كنت بالمستشفى وقولتلى اقرئى لي اى مقال من الجريدة ، كنا رفاق ولازلنا رفاق وسنظل رفاق ، كانت ارواحنا تتواصل ولازالت تتواصل .
رفقتك كانت من الاشياء اللى بتفرحنى عزيزي .
تخيل ! بقى ليا مكتبة كبيرة الان ، قرأت عن الاديان وعن الفلسفة وقرأت معظم اعمال نجيب محفوظ - وقرأت عن السياسة وعن الثورات - قرأت لتوفيق الحكيم و لطه حسين - قرأت لليو تولستوى - حتى شكسبير قرأت له ثلاث اعمال فقط ، قرأت لبوخاريست و لينين و كارل ماركس ، قرأت لدكتور نصر ابوزيد وقرأت لفرج فودة و الدكتور نوال السعداوى - قرأت لباولو كاويللو و لنيكوس كزنتزاكيس وجورج اوريل وغيرهم .. تخيل ان القائمة طويلة !
الكتاب يا بابا اصبح رفيق - استبدلت البشر بالكتاب فى الغالب ، سعيدة وفخورة بحالي تماما .
بتخيل الجنة مكتبة كبيرة فيها كل ما طاب ولذ ، انا وانت هنغرق فيهم ونقرأ ونقرأ ونقرأ حتى يتوقف عقلنا ويستسلم .
طب فاكر لما روحت مظاهرة فى سنة 2010 او 2009 تقريبا .. حقيقي مش متذكرة بالضبط كان امتى او حتى كانت ايه المناسبة ! المهم انى اتعرفت على سيدة عجوز لطيفة - بصرف النظر انها كانت رغاية جدا - الا انى احببت صحبتها ، اتفقنا انى هشوفها قريب بعد المظاهرة وتبادلنا ارقام تليفوناتنا ، الا انى معرفتش اتواصل معاها .
المهم انت قولتلى متنزليش مظاهرات ابدا ! بصرف النظر انى مسمعتش كلامك حتى هذه اللحظة - ومش هسمع كلامك فى النقطة دى خصوصا الا ان كنت متقبلة خوفك عليا بشكل عظيم .
كنت حلمت بيك من قريب وانت بتقولي " انا شايف كل حاجة وحاسس بكل حاجة" !! صحيت وقتها ونظرى اتجه لماما بشكل تلقائى ورددت وقولت انت متأكد !!؟
احكيلى - انت بتحكى عنى مع رفاقك فى القبور زى مابحكى عنك مع رفاقى على الارض ؟
عارفه هتقولهم ان عندى بنت اسمها سارة فاشلة فى كل حاجة الا فى الحب - بنتى لسه بتعرف تحب حتى هذه اللحظة ! بالرغم من وجود سجن بيدعّى بأنها امها الا انها لسه بتعرف تتنفس وتحب ، بنتى لسه متفائلة .. بنتى بتحارب الاشرار بس فى مظاهرة او مسيرة او وفقة احتجاجية ، بنتى هتحارب الاشرار اللى فى العالم بس لما تحس انها قادرة ، بنتى فتاة بائسة بالنسبة لشخص فى مثل عمرها !
اخبر رفاقك بأن بنتك وسط ناس مستنين طبول الحرب ، بينتعشوا لما يسمعوا عن الدم والموت اكتر ما يحبوا يسمعوا عن اتنين حبوا بعض او ناس بيسمعوا مزيكا ومبسوطين !
تعرف ان لحظات ضعفى كانت ظاهرة لما كنت بشوفك بتغيب تحت التراب ، بس دلوقتى الامر اختلف نوعا ما ، صحيح لسه مبقتش قوية زى ماكنت موجود حواليا بجسدك وروحك وقلبك وحبك وحضنك الا انى بحاول استعيد قوتى بعد اربع سنين من غيابك .. بنتك قوية - متنساش تقول دا لرفاقك اللى فى العالم الآخر .
هفضل احكى عن مواقفنا اللى قربت انساها نظرا لان ذاكرتى بقت سيئة جدا ، هفضل احكى عن شخصيتك اللى بحاول ادور على حد شبهها فى اى حد قريب او بعيد عننا ،، هيجى يوم واحكى عنك لما قولت "انا مخلفتش غيرك" ، هحكى عنك وانت بتبكى لماما فى اخر يوم ليك فى البيت قبل ما تروح المستشفى وبتقولها "دى متزعلهاش "وبتشاور عليا ، هحكى عن سكوتنا اللى بيكون بالساعات فى مستشفى القصر العينى لما بكون المرافق ليك ، هحكى عن بكائك وشعورك المستمر انك خلاص هتمشى ، هحكى عن حبك المكنون لاخواتك ، هحكى عن قلبك اللى اتسع الجميع ، هحكى عن لعبنا للكوتشينة وبتكسبنى بصابع رجلك الصغير - بصرف النظر انك كنت بتغش فى اللعب ، هحكى عن احساسنا يوم مااتخرجت من الجامعة وقررت تغير اسمى فى الموبيل وكتبت بكل فخر " الاستاذة سارة" ، هحكى عن حكاوينا فى السياسة ، هحكى عن ماتشات الكورة اللى مكنتش بعرف اتفرج عليها الا بيك ، هحكى عن قصتنا سوا لما كنت مرافقة ليك فى مشوارك فى مستشفى القصر العينى وبعدها مستشفى وادى النيل ، هحكى عن اللى قابلناه سوا وشوفناه .
ميراثى منك هو المحبة ، عماتى واعمامى واى حد من ريحتك - اخواتى - اخواتى حلوين جدا ، حلوين بشكل مبالغ فيه .
انت شعلة بهجة وحب تحت التراب وفوق الأرض ،، متبطلش تزورنى .